لماذا يمتلك ” المؤثرون ” سُلطة مطلقة ؟
إن القوة الأكثر تأثيرًا على عقول الناس هم الناس أنفسهم!
منذ بداية الخليقة و نحن ماضون بـ مسارات عدة لـ ممارسة تأثيرنا و تأثُرنا بشكل متبادل ويومي بدرجات متفاوتة وطِبقًا لتطور الإنسان و تطور شكل حياته تتغير طرق ممارسة فعل التأثير و التأثر!
غير أن أساسيات الفكرة واحدة فلو ذكرنا على سبيل المثال “أرسطو” الفيلسوف اليوناني المعروف لدى أغلبنا و ألقينا الضوء على مسار حياته باعتباره أكثر الشخصيات تأثيرًا و أطلِّق عليه المُعلم الأول و أنا أؤيد هذا اللقب جدًا، فهذا الرجل العبقري كان فيلسوفًا مُتقِنًا لفنون اللغة والمنطق. بالإضافة إلى قدرته على فهم الجمهور الذي يخاطبه وبناء على ذلك كانت لديه قدرة كبيرة على الإقناع و التأثير في وجدانهم ونفوسهم
و قد أطلق علي ثالوث الإقناع الذي يُفسر ويحلل اسلوب ارسطو:
المبادئ ethos / العاطفة pathos /المنطق logos.
فكان يعمد إلى إبراز المبادئ التي سترفع شأنه عند جمهوره، ثم يستخدم العاطفة والمنطق من أجل أن تميل معه قلوب المستمعين وعقولهم.
جاء بعد ذلك الفيلسوف “مورتيمر أدلر” واستخدم نفس التقسيم في بيع عدد كبيرة من سلسلة The Great Books of The Western World حيث حقق معدل تحويل conversion rate ٢٥٪!، وجاء من بعده “أندي مالسن” ليمدح هذا النموذج في كتابه persuasive copywriting ويشرح كيف يستطيع المسوِّق المعاصر أن يستخدمه في عمله.
اللافت للنظر في أمر أرسطو تحديدِا أنه كان يقوم بمراحل التسويق الأساسية: يحلل الموقف ويعرف جماهيره حق المعرفة ثم يتواصل معهم بأفضل شكل يناسبهم.
لكن أن تسألنا بصدق حول الحقائق النفسية واللاشعورية التي تجعل للمؤثرين قوة مطلقة تتزايد يوميًا
علينا أن نلجأ إلى بعض التحليلات العقلية والنفسية، وكما جرت عادة الأمور علي أن التحليل العميق لبعض الظواهر قد يمنحنا طرق مثالية للتعامل معها على أكمل وجه ممكن.
بإمكانك ان تسأل نفسك كـ مُتلقي مالذي يجعلك تتابع “شخصًا” بعينه على الإنستجرام مثلًا أو على الفيس بوك أو التيك توك؟!
ميلاد ال ChatGPT؟
في يوم 30 نوفمبر لعام 2022 حين اطلقت المنظمة الخاصة بالأبحاث ( OpenAI ) برنامج جديد يعتمد بشكلٍ كلي على الذكاء الًاصطناعي في عملية إجراء المحادثات والذي يطلق عليها ( ChatGPT ) أو روبوت المحادثة
و قد تجاوز عدد مستخدمي الخدمة مليوناّ في ستة أيام فقط
تكرر هذا السيناريو تقريبا بطريقة مشابهة مع شركة (openAI)
هل تشعر بتشابه مع شكل حياته؟ هل تتمني لو تفعل ما يفعله؟ أم أن دافعك فضولي بحت لمعرفة أدق تفاصيل يومه وحياته؟ أم انه يوجد شيء من المشاركة الوجدانية في متابعة تفاصيل حياته!
الحقيقة أن الإجابة قد تكون كل ما سبق!
وذلك لكونه إنسان بصورة مثالية بطريقة ما
له طباع و رغبات و احلام وطموحات يقوم بمشاركتها مع الملايين الذين يشاركونه الأحلام ذاتها و لا يستطيعون التعبير عنها بطريقة سهلة وواضحة لمثله أمام العامة! فيبدو الأمر مغريًا إلى حد ما
و يخلق تدريجيًا جسور من الثقة المتبادلة بينك و بينه، كلما كان حقيقيًا وصادقًا فيما يشاركه مع العامة، كلما ابتعد عن المثالية في الحديث عن نفسه كلما اشتدت جسر الثقة بينكما لا شعوريًا هذا ببساطة ما يجعله مؤثرا و يجعلك تشعر بألفة وتواصل حقيقي معه!
أيضًا أن جزءً من طبيعتنا البشرية يدفعنا نحو البحث عن نموذج مثالي و كامل ليكون مثل أعلى أو قدوة بطريقة ما!
ما علاقة هذا التحليل العميق بالتسويق؟(openAI)
تنبع تصرّفات البشر من ثلاث مصادر أساسية: ” الرغبة، العاطفة، والمعرفة” (openAI)
استطاع المسوقون خاصة في الآونة الأخيرة وبعد تعدد قنوات التواصل الاجتماعي و قدرة الجميع على الظهور على الشاشة والتأثير في عدد كبير من الناس طبقًا لطبيعتهم
و توجهاتهم
فـ كما ذكر أحدهم ذات مرة “أن التسويق لا يكفُّ أبدًا عن التسويق”
لذا دعني أنقل لك تأثير الفكرة من الناحية التسويقية كي تستطيع قيادتها بطريقة مثالية
إن من أقوى التأثيرات التي يمكن أن تنقل علامتك التجارية إلى مكانة أعلى هي أن يتحدث عنها أشخاص موثوقين من قبل عدد كبير بطريقة إيجابية، لأن هؤلاء يُتابعهم جمهور يثق بهم تمام الثقه.
أرقام عن التسويق عبر المؤثرين
حوالي 90% من العلامات التجارية الكبرى تستخدم المؤثرين للترويج، مثل سوق وجوميا ونون وأمازون.
معدل التفاعل عند المؤثرين (تحت 10 آلاف متابع) أعلى من المؤثرين (فوق 10 آلاف متابع)، وهذا يُحسب بمقدار التفاعل مقارنة بحجم المحتوى وعدد المتابعين.
العائد على رأس المال كبير فهناك دراسة تقول أن كل 1000 جنيه تنفقه في هذا النوع من التسويق يعود لك 18000، قد تكون هذه النسب غير دقيقة ولكنها مؤشر لا يمكن تجاهله أبدًا.
أنواع المؤثرين
يُمكن تقسيم المؤثرين بناءً على المجال الذي يؤثرون من خلاله (رياضة – تكنولوجيا – سياسة– …)، وهناك تصنيف آخر يعتمد على حجم تأثير المؤثر وله عدة أنواع:
الشخصيات العامة (Celebrities)
مثل كبار الممثلين والمغنيين ولاعبي كرة القدم، و علي الأغلب هؤلاء يطلبون مقابل مادي مرتفع، وبالتالي لا تستطيع شركة صغيرة أن تتعاون معهم، إلا أنهم للشركات الكبيرة مهمين وخاصة في إعلانات التليفزيون.
المؤثرون المشاهير (Mega Influencers)
هؤلاء لديهم أكثر من مليون متابع وأغلبهم يكون بمجالات مثل الطعام أو الأزياء أو أسلوب الحياة أو الرياضة، وأنصحك أن تتعاون مع هؤلاء على عروض البيع والخصومات، فهؤلاء معروف عنهم أنهم يقومون بعمل إعلانات وكثير من الناس يتابعونها بسبب العروض وليس بسبب الثقة المباشرة فيهم.
المؤثرون المتوسطين (Medium-influencers)
هؤلاء لدى الواحد منهم من 100 ألف إلى مليون متابع، وستجدهم متخصصون في مجال بعينه والناس تثق فيهم وفى محتواهم أكثر من المؤثرين المشاهير.
المؤثرون الصغار (Micro-influencers)
لدى الواحد منهم أقل من 100 ألف متابع، وأنا فعليًا أفضّلهم كثيرًا لأن التواصل مع جمهورهم له أعلى معدل ثقة، ويهتمون للغاية بمحتواها ولا يتم طلبهم بكثرة في الإعلانات وهذا ما يجعل تكلفة التعاون معهم منخفضة.
1. حدد أهداف حملتك
تحديد أغراض الحملة الإعلانية هو مؤشر أساسي لاختيار المؤثر المناسب
ومن أشهر أهداف حملات التسويق المؤثر
أربعة أهداف
١- دعوة العملاء والمستهلكين المستهدفين لتجربة منتجك أو خدمتك
٢- التوعية والتذكير بالعلامة التجارية لشركتك
٣- زيادة المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي
٤- رفع معدلات المبيعات وزيادة الإقبال.
2. أن يكون ” المؤثر” ذو ثقة عالية.
من المؤكد أن المعيار الأول هو سمعته الإيجابية، واستجابة الجمهور وتفاعلهم معه سواء في العالم الافتراضي أو في العالم الحقيقي، كما أن السمعة الجيدة مرتبطة بالمصداقية والشفافية، فلابد أن تتأكد من امتلاكه متابعين حقيقيين، وليس حسابات وهمية، ويمكنك المقارنة بين عدد الجمهور والتفاعل ونسب المشاركة الفعلية على المنشورات لتتأكد من ذلك.
3. هل عمل المؤثر جائز قانونًا؟
هناك بعض الدول تعتبر ممارسة أي نشاط يُدِر ربحًا ماديًا أو منتجات وخدمات مجانية، هو عمل تجاري له آثار قانونية، فهل حصل المؤثر على ترخيص من السلطات المختصة وفقًا للقوانين المحلية وللمتطلبات القانونية بشأن الترويج والإعلان داخل كل بلد، حتى توفر على نفسك عناء المشاكل القضائية والدعاوى القانونية.
في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال وزارة الإعلام تقنن عمل المؤثرين من خلال ضوابط ومنح الرخص
4. الميزانية
كما أوضحنا في أنواع المؤثرين، تتميز كل فئة بتكاليف تتفاوت تبعًا لعدد المتابعين وشخصية المؤثر، وبالتالي إذا كانت لديك ميزانية مفتوحة أو كبيرة يمكنك الاعتماد على الميجا أو الماكرو إنفلونسرز، أما إذا كنت في بداية مشروعك عليك التركيز على المايكرو إنفلونسر لتوفير النفقات مع إتباع منهجية العمل مع العديد من المؤثرين الصغار في الوقت نفسه، مما يمنحك فرصة ذهبية للوصول إلى جمهور متجدد ومتنوع.
أهمية اختيار المؤثر الصحيح
اختيار المؤثر الصحيح، وتقديم محتوى مناسب، يجنبك فشل حملتك على غرار ما حدث منذ عامين في الحملة الإعلانية لشركة بيبسي، والتي استعانت فيها بعارضة الأزياء الأمريكية كيندال جينر، التي أثارت الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعرضت لهجوم عنيف انتهى بسحب الإعلان.
المحتوى الإعلاني يدور حول مجموعة من احتجاجات الشباب في الشارع، والتي يشارك بها أشخاص متنوّعو الهوية والثقافات، ثم تتم مواجهتهم من قبل مجموعة من أفراد الشرطة، وعندها تظهر “كيندال” لتنهي الاحتجاج، وتقوم بتقديم منتج بيبسي إلى الضابط، فيهدأ الشرطي وينتهي الاحتجاج بسلام.
النشطاء حول العالم اعتبروا هذا الإعلان سخرية من حركة “بلاك لايفز ماتر”، التي تحتج على عنصرية الشرطة ضد أصحاب البشرة السمراء في أمريكا، وصورة كيندال جينر مع الضابط مستوحاة من الصورة الشهيرة للناشطة “ليشيا إيفانز” التي وقفت أمام الشرطة في احتجاجات الأمريكية.
شركة “بيبسي” اعتذرت وسحبت الإعلان بعد يوم واحد فقط من طرحه، كما انخفضت قيمة أسهمها ببورصة وول ستريت بعد العرض.
وعلى النقيض تمامًا، وُفقّت شركة DHL العالمية للشحن، في اختيارها للنجم “محمد صلاح” ، ليكون بطل حملتها الإعلانية، والتي صنفها رواد التواصل الاجتماعي، بأنها من أكثر الحملات الإعلانية إبداعًا.
في النهاية :
أن كل ما تحتاج إليه هو الفهم العميق لهدفك من استخدام أداة” المؤثر” واختيارك المثالي لأكثرهم مطابقة لمنتجك و ثقافتك كي لا يشعر الجمهور بأي تضارب في اختيارك
و أن تقوم بخلق هذا المؤثر من بيئة عملك الخاصه عن طريق شخص بعينه يقوم بتوالي الحديث عن منتجك و خدماتك بشكل دائم وأن تتوفر فيه كل ما يحتاج إليه الناس للتفاعل معه لأن ذلك سيكون أفضل بكثير و لكن لن يُغنيك عن اللجوء لبعض المشاهير و النجوم لتعزيز قيمة علامتك من وقت الى آخر!
أكتب لنا قائمة بأكثر الأسماء المؤثرين الذين ينطبق عليهم كل المواصفات المناسبة لطبيعة عملك!
ولا تتردد في التواصل معنا أي وقت.
